منتدى حبيب الروح

منتدى حبيب الروح

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

حبيب الروح


    الدعاء شروطه وآدابه

    اميرة الرومانسية
    اميرة الرومانسية
    Admin


    عدد المساهمات : 59
    تاريخ التسجيل : 26/06/2010
    العمر : 29

    الدعاء شروطه وآدابه Empty الدعاء شروطه وآدابه

    مُساهمة  اميرة الرومانسية الأحد يونيو 27, 2010 10:42 am

    موضوع الخطبة : الدعاء شروطه وآدابه
    الخطيب : صبري عسكر
    التاريخ : الجمعة : 7 رجب 1426هـ الموافق 12/8/2005 م
    المسجد : المسجد الكبير بقرية أبو عبد الرحمن بمنيا القمح ـ محافظة الشرقية
    ------------------------------------------------------
    الحمد لله رب العالمين
    اللهم إنا نسألك رحمة من عندك تهدي بها قلوبنا وتجمع بها شملنا وتلم بها شعثنا وترد عنا بها الفتن وتصلح بها ديننا وتحفظ بها غائبنا وترفع بها شأننا وتزكي بها عملنا وتبيض بها وجوهنا وتلهمنا بها رشدنا وتعصمنا بها من كل سوء .
    اللهم ارزقنا إيمانا صادقا ويقينا ليس بعده كفر ورحمة ننال بها شرف كرامتك في الدنيا والآخرة .
    اللهم إنا نسألك الفوز عند القضاء ومنازل الشهداء وعيش السعداء والنصر على الأعداء ومرافقة الأنبياء .
    نسألك اللهم الأمن يوم الوعيد والجنة يوم الخلود مع المقربين الشهود والركع السجود الموفين بالعهود إنك رحيم ودود وأنت تفعل ما تريد .
    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له هو وحده الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويتعجب ممن يعرض عنه إلى غيره فيقول سبحانه جلَّ في علاه ( أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ) (النمل:62)
    وأشهد أن محمدا عبدالله ورسوله سيد الدعاة إلى الله قال صلى الله عليه وسلم: "إن ربكم تبارك وتعالى حييُّ كريمٌ يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفراً". ( رواه أبو داود والترمذي والبيهقي ) صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه واهتدى بهديه إلى يوم الدين وبعد .
    أيها المؤمنون الموحدون :
    نعيش معكم اليوم حول موضوع هام ألا وهو الدعاء وخاصة أننا نعيش هذه الأيام شهرا كريما من الأشهر الحرم ألا وهو شهر رجب وقد كانت العرب تعظم هذا الشهر قبل الإسلام وجاء الإسلام وأقر بأفضلية هذا الشهر وأقر حرمة القتال فيه وعده ضمن الأشهر الحرم ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) (التوبة:36)

    وقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يصوم في شهر رجب كما ورد في صحيح مسلم وسنن أبي داود ومسند أحمد وغيرهم : عن ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لاَ يُفْطِرُ وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لاَ يَصُومُ.

    وعليه فيلزمنا الإكثار من العبادة من صلاة وصيام وصدقة وفض للمنازعات والخلافات وبر للوالدين وصلة للأرحام وغير ذلك في هذا الشهر الكريم وكثرة التطوع إلى الله تعالى وإخلاص الدعاء فيه عسى الله أن يتقبل منا ومنكم صالح العمل وأن يوفقنا لعمل صالح قبل الموت ويقبضنا عليه ، إنه سبحانه وتعالى القادر على كل شيء .
    وأما عن الدعاء فقد روى الترمذي (3699) وأبو داود وأحمد - عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ – رضي الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم- قَالَ « الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ ». ثُمَّ قَرَأَ ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) (غافر:60) قَالَ الترمذي هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .

    فانظر أخي المسلم كيف اعتبر النبي – صلى الله عليه وسلم – الدعاء أصل العبادة وبهذا ورد ما يوافقه في القرآن الكريم ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) (غافر:60)
    وقال ربكم- أيها العباد-: ادعوني وحدي وخصُّوني بالعبادة أستجب لكم, إن الذين يتكبرون عن إفرادي بالعبودية والألوهية, سيدخلون جهنم صاغرين حقيرين.
    وإذا كان الله يدعونا لإخلاص العبادة له وحده ودعائه وحده حتى لو غضب الكافرون من ذلك أو كرهوا ( فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) (غافر:14) .

    وقد كان المشركون لا يعجبهم إخلاص الله في الدعاء ويحرصون على إشراكِ غيره ، بل مجرد ذكر الله وحده دون سواه كان ينفرهم ويبعدهم فقال عز من قائل ( وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً) (الاسراء:46)
    ليس هذا فحسب بل كانت تشمئز قلوبهم من توحيد الله وصرف العبادة له وحده وكانوا يفرحون ويستبشرون بذكر آلهتهم المزعومة من الأصنام والأوثان وغيرها :
    ( وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) (الزمر:45)
    وعليه فدعوة الأصنام أو الأوثان أو أصحاب الأضرحة والقبور وطلب الحاجات منهم شرك لأنهم كما أخبر الله جلَّ في علاه لا يسمعوا دعاء من دعاهم وأنهم لا يملكون من ذلك شيئا واسمع قول ربك موجها ومرشدا لنا ولسائر خلقه :
    {إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ }فاطر14

    إن تدعوا -أيها الناس- هذه المعبودات من دون الله لا يسمعوا دعاءكم, ولو سمعوا على سبيل الفرض ما أجابوكم, ويوم القيامة يتبرؤون منكم, ولا أحد يخبرك -أيها الرسول- أصدق من الله العليم الخبير.
    وإني لأتعجب ممن يصر على أن يتوجه في دعائه لغير الله ويوهمه شيطانه أنه على شيء وأنه على صواب ويبرر له فعله بحجج واهية لا أصل لها في الشرع ولا مسوغ لها في العقل السليم .

    ولقد قال أحدهم عندما سأله أحد الدعاة لماذا لا تتوجه إلا الله بالدعاء مباشرة دون أن تجعل من الولي فلان أو فلان وساطة بينك وبين الله أتدرون بماذا أجاب ؟
    قال : لو كان لك مدير أكنت تدخل عليه بحاجتك مباشرة أم تطلب من سكرتيره يعرض عليه حاجتك ؟
    ولله المثل الأعلى .
    فقال له سبحان الله
    كلامك هذا عن الذات العلية يخالف ما جاء به القرآن الكريم فقد سأل الصحابة - رضوان الله عليهم - النبيَّ - صلى الله عليه وسلم – عن رب العالمين فقالوا له : يا رسول الله : أقريب ربنا فنناديه أم بعيد فنناجيه ؟ فنزل قول الله تعالى : {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }البقرة186
    هذا جواب سؤال فقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه فقالوا: يا رسول الله, أقريب ربنا فنناديه , أم بعيد فنناجيه ؟ فنزل.

    " وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ " لأنه تعالى, الرقيب الشهيد, المطلع على السر وأخفى, يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور, فهو قريب أيضا من داعيه, بالإجابة.

    ولهذا قال " أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ " .

    والدعاء نوعان: دعاء عبادة, ودعاء مسألة.

    والقرب نوعان: قرب بعلمه من كل خلقه, وقرب من عابديه وداعيه بالإجابة, والمعونة والتوفيق.

    فمن دعا ربه بقلب حاضر, ودعاء مشروع, ولم يمنع مانع من إجابة الدعاء, كأكل الحرام ونحوه, فإن الله قد وعده بالإجابة.

    وخصوصا إذا أتى بأسباب إجابة الدعاء, وهي الاستجابة لله تعالى بالانقياد لأوامره ونواهيه القولية والفعلية, والإيمان به, الموجب للاستجابة.

    فلهذا قال: " فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ " أي: يحصل لهم الرشد, الذي هو الهداية للإيمان والأعمال الصالحة, ويزول عنهم البغي, المنافي للإيمان والأعمال الصالحة.
    ومتى أخلصنا لله تعالى فإنه لا يرد دعوة من دعاه بل هو البر الرحيم بعباده وهو اللطيف الخير وهو أرحم بعباده من الوالدة بولدها .
    وليعلم المسلم أن الدعاء مستجاب ولا يرد الله عبده أبدا متى أخلص الدعاء لله الواحد الأحد ومتى روعي الأدب في دعائه .
    ومن الأدب في الدعاء :
    رد المظالم مع التوبة والبعد عن المعاصي
    فلا ينبغي لمن كان ظالما لعباد الله مخالفا لشرع الله كمن يأخذ ما ليس من حقه في البيت الذي يسكنه والأرض التي يزرعها أو يأخذ راتبا على عمل لا يتقنه أو يخص الذكور بالعطاء دون الإناث أو العكس أو يعطي بعض أبنائه دون البعض فهذا كله من الظلم .
    وكذلك من كان مكبا على المعاصي من أكل للربا وشهادة للزور والكذب في الحديث والغيبة والنميمة ونقل الكلام بين الناس وإيقاع الفرقة بين الأزواج والأقارب والجيران وكذا شرب ما حرمه الله من المخدرات والسجائر وغير ذلك فكيف لمثل هذا أن يرفع يديه إلى ربه ويدعوه ؟
    وعليه كي يكون مستجاب الدعاء: أن يكون المطعم والمشرب والملبس من حلال ففي الحديث الذي رواه مسلم والبيهقي
    عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ الطَّيِّبَ وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ قَالَ ( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) (المؤمنون:51) وَقَالَ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ...) (البقرة:172) ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ ، وَقَدْ غُذِّىَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لَهُ ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِى الصَّحِيحِ عَنْ أَبِى كُرَيْبٍ.
    فمن أجل أن يكون دعاؤه مستجاب عليه أيضا أن يتخير أوقات الدعاء وأن يتوضأ قبل الدعاء إن تيسر ليكون أحرى في القبول وكذا يستقبل القبلة وأن يبدأ بحمد الله تعالى والثناء عليه والصلاة والسلام على نبيه محمد – صلى الله عليه وسلم – وأن يستحضر قلبه فلا ينشغل بقلبه عما يذكره بلسانه وأن يوقن بالإجابة وأن يكون معتدل الصوت بين المخافتة والجهر وأن يلح في الدعاء والمسألة ويكرر حاجته لله ويظهر تذلله وانكساره وخضوعه لله تعالى وأن يتأدب في الدعاء فلا يدعو بإثم أو قطيعة رحم ولا يدعو على ولده أو أهله أو على ماله بالزوال أو على المسلمين بالهلاك أو غير ذلك .
    وأن يتجنب السجع في دعائه وأن يدعو بما هو محتاج إليه وما فيه صلاحه وأن يتوسل إلى الله بأسمائه الحسنى وصفاته العليا وأن يحرص على الدعاء في الرخاء كما هو في الشدة وأن يختم دعاءه بالصلاة والسلام على رسول الله – صلى الله عليه وسلم كما بدأه به .
    وعليه أن يوقن أن الله لا يرد دعوته بل يستجيب له لما ورد في الحديث الذي رواه أحمد في مسنده والترمذي في سننه :
    عَنْ أَبِى سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « ما مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلاَ قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلاَّ أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلاَثٍ إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِى الآخِرَةِ وَإِمَّا أَنُْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا ». قَالُوا إِذاً نُكْثِرُ. قَالَ « اللَّهُ أَكْثَرُ ».

    فيا أخي الكريم
    اتق الله في نفسك ولا تجعلها في النار بدعوة غير الله وأخلص العبادة لله ولا تهلك نفسك بأكل الحرام واعلم أن لك ربا كريما يحفظك ويرعاك ويرزقك من فضله ما خلقك إلا لتعبده وتكفل برزقك حتى وإن لم تعبده فلا تكن عبد سوء وكن كريما مع ربك واعبده كما أمرك ( مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (يوسف:40) واعرف قدرك مع ربك فما أنت إلا عبد وربك هو السيد الكريم المتفضل عليك بالخلق من العدم والموت بعد الحياة والبعث بعد الموت وعش مسلما موحدا لربك ولا تشرك به شيئا كي تموت على ما عشت عليه وتبعث موحدا مع الموحدين وتحشر إن شاء الله مع من أنعم الله عليهم وتكون ممن قال الله عنهم ( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً) (النساء:69)
    الله يريد لك الجنة ومن أجل ذلك خلقك وكرمك وفضلك وجعلك مسلما من خير أمة أخرجت للناس لقد اختارك لأن تكون من أمة القرآن ومن أمة خير الأنام محمد بن عبدالله سيد خلق الله فلا تتبع سبيلا غير سبيل المؤمنين ولا تتبع الهوى فتضل وتشقى واعلم أن الجنة تنتظرك فكن من أهلها ولا تكن من أهل النار .
    كن مع المتقين الذين وعدهم الله بالجنة ( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ) (54) ( فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ) (القمر:55) . أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه والتائب من الذنب كمن لا ذنب له أو كما قال أدعوا الله .

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    الخطبة الثانية :

    الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين أحمده سبحانه وتعالى وهو أهل للحمد والثناء وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبدالله ورسوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين وبعد :

    عجيب أمر العباد مع الله :
    خلقهم ويعبدون غيره ورزقهم ويشكرون سواه أرسل لهم الرسل وأنزل لهم الكتب وورث العلماء علم الأنبياء فهم يدعون إلى الله على نهج النبوة ومع ذلك فترى الكثير من عباد الله يكفرون به ويشركون به ويدعون غيره ويتكبرون في عبادتهم ودعائهم على خالقهم :

    فمنهم اليهود الذين قالوا على ربهم يد الله مغلولة - غلت أيديهم – وهم الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء .

    ومنهم النصارى الذين قالوا أن لله ابناً بل قالوا أن الله تجسد في صورة بشر وصلب على خشبة بأيد اليهود وحاشا لله أن يكون له ولد أو أن يصلب بأيد عباده .

    ومنهم من أنكر وجود الله وقال أن الحياة مادة وأن الطبيعة هي الموجدة وهم الملاحدة عليهم لعنة الله .
    وليس هناك أضل وأحقر ممن ينسى خالقه ويدعو غيره يترك ربه اللطيف الخبير والسميع البصير ويدعو غافلا عن دعائه ومن لا يملك له ضرا ولا نفعا {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ }الأحقاف5

    لا أحد أضلُّ وأجهل ممن يدعو من دون الله آلهة لا تستجيب دعاءه أبدًا؛ لأنها من الأموات أو الأحجار والأشجار ونحوها, وهي غافلة عن دعاء مَن يعبدها, عاجزة عن نفعه أو ضره.
    حتى أننا من لنجد من بين الناس من يعرف الله وقت الشدة وأما في الرخاء فلا ، بل يبارز الله بالمعاصي {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاء عَرِيضٍ }فصلت51

    وإذا أنعمنا على الإنسان بصحة أو رزق أو غيرهما أعرض وترفَّع عن الانقياد إلى الحق، فإن أصابه ضر فهو ذو دعاء كثير بأن يكشف الله ضرَّه, فهو يعرف ربه في الشدة, ولا يعرفه في الرخاء.
    وهناك من يدعو بالشر مثلما يدعو بالخير وهذا من جهله وغباوته وعدم تأدبه مع ربه {وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً }الإسراء11

    ويدعو الإنسان أحيانًا على نفسه أو ولده أو ماله بالشر، وذلك عند الغضب، مثل ما يدعو بالخير، وهذا من جهل الإنسان وعجلته، ومن رحمة الله به أنه يستجيب له في دعائه بالخير دون الشر؛ لأنه يعلم منه عدم القصد إلى إرادة ذلك، وكان الإنسان بطبعه عجولا.

    فاتقوا الله عباد الله وأصلحوا ذات بينكم وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا واغتنموا حياتكم قبل موتكم وصححوا أوضاعكم وراجعوا أنفسكم قبل فوات الأوان وأخلصوا الدعاء لربكم واذكروه في الرخاء كما تذكرونه في الشدة وادعوه السراء في كما تدعونه في الضراء واعلموا انه ليس لكم سوى ربكم وأنكم إليه ترجعون وعن أعمالكم محاسبون وبين يدي ربكم موقوفون وبعدها منصرفون إما إلى جنة وإما إلى نار فاحرصوا على ما يسعدكم في آخرتكم وابتعدوا عما يتعسكم ويشقيكم .
    وأكثروا من الصلاة والسلام على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقد أمركم الله بأمر وبدأ فيه بنفسه فقال ولم يزل قائلا عليما ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (الأحزاب:56) اللهم صل وسلم على عبدك ونبيك محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ، وارضى اللهم عن صحابته الكرام ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
    اللهم اغفر لنا ما أسررنا وما أعلنا وما أنت أعلم به منا .
    باقي الدعاء ثم الختام .
    صبري عسكر
    إمام وخطيب بأوقاف الشرقية – مصر
    -----------------------------------------------------
    في درس الجمعة نشير إلى بعض صور الدعاء وبعض حالات الصالحين والمضطرين في الدعاء وكيف استجاب الله لهم .

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء نوفمبر 27, 2024 1:00 am